إعداد: محمدن اليدالي
شكر وتقدير وامتنان
وقد أصدرت أسرة الفقيد بيانا عبرت فيه، عن شكرها وامتنانها لكل من قدم لها العزاء والمواساة في فقيد الأمة.. وهذا نصه:
الحمدلله رب العالمين كتب على نفسه البقاء، وعلى خلقه الفناء، قدَّر ما كان قبل كونه، فعّال لما يريد، لا يُسأل عما يَفعل، القائل جل في علاه [كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَمَةِ]
والقائل: (وَبَشِّرِالصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)...
بمناسبةماتعيشه بلادنا هذه الأيام من وقع ما ألمّ بها من خطب جلل مؤلم، وحدث كبير مفجع تمثل في الرحيل المفاجئ للعلامة العامل الشيخ محمد عبد الرحمن بن أحمد الملقب (ولد فتى) فإننا نتقدم باسم أسرته و ذويه وكل فرد من أفراد قبيلته الشقروية (إداشقره) في جميع حواضرهم الممتدة من ولاية اترارزه إلى ولاية آدرار بوافر الامتنان وجميل العرفان وجزيل الشكر لكل من قدم لنا العزاء والمواساة إخلاصا ووفاء ونبلا ، فأتاحت تعزيته لنا الفرصة لنعزيه في مصابنا جميعا، ويأتي في مقدمة أولئك:
فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي شملنا بكريم عنايته وتقديره واهتمامه...
والشكر موصول إلى:
* رئيس الجمعية الوطنية.
* المبعوث الخاص لرئيس الجمهورية الصحراوية الديمقراطية السيد محمد السالك ولد بييه (وزير مستشار لرئيس الجمهورية) ، الحامل لرسالة خطية من وزير الشؤون الدينية والتعليم الأصلي.
* العلامة الشيخ محمد الحسن الددو بحسين خلقه وسريع معروفه وبالغ مواساته ممثلا بجمعية المستقبل التي ظلت إلى جانب الشيخ من مرضه إلى تشييعه ودفنه وانتهاء بمراسيم التعازي ...
* رئيس رابطة العلماء.
* العلماء والمشايخ الموقرون.
* معالي الوزراء والسادة السفراء.
* الأمناء العامون .
* قادة وزعماء الأحزاب السياسية.
* قادة العسكر و الأمن.
* الوفود السامية الممثلة للقبائل الموريتانية المحترمة في مختلف أرجاء الوطن.
* الدعاة وكل العاملين للدعوة.
* الأطباء ومدراء المؤسسات.
* طلبة العلم عموما وطلبة مركز تكوين العلماء والمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية خصوصا.
* الساسة والمنتخَبـون.
* الأعيان، والوجهاء والأطر.
* الشخصيات الاعتبارية (علميا واجتماعيا ومرجعيا ).
* الأدباء الذين تباروا في نثر روائع المراثي الملتهبة صدقا وحرارة في فني الشعر(الفصيح والشعبي).
* المدونون بما سطروه ونقلوه من شهادات وثناء وإشادة بمكانة الشيخ.
* رؤساء الروابط والنوادي الثقافية.
* الجمعيات على اختلاف مشاربها.
* منظمات المجتمع المدني بشتى صنوفها.
* الهيآت الشرعية والعلمية (المحلية والدولية) ...
وأخيرا إلى كل الموريتانيين والمحبين للشيخ في أقطار المعمورة الذين غمروه بالثناء والدعاء، وكانت قلوبهم معه حيا، ومعنا بعد مماته وإن حبسهم العذر .. راجين لكل ـ باسمه وجميل وسمه ـ أن يتقبل الله مسعاه الحميد وأن يجزل له الأجر والمثوبة، فقد أدى الجميع دوره على أكمل وجه في ترسيخ وإظهار المقاصد الشرعية والمعاني النبيلة للتعزية، كل من موقعه وطريقته ومنطقه وأسلوبه، يجمعهم ويوحدهم صدق المشاعر وفيض المحبة وحرارة العاطفة ونبل المكارم، وفاء وتقديرا لمنهج وسيرة الشيخ العلمية الدعوية القائمة على المحبة والتقدير والتوقير للكل، ناسجا بذلك علاقات طيبة ودية مع الجميع دون استثناء أو تمييز، حيث لاحظنا أن جل الناس من أفراد أو أسر أو قبائل أو جهات يشعر كل منهم بأنه من أخص خواص الشيخ، إذ كان يسعهم بعظيم خلقه ولطفه وعطفه، دون مجاملة أو محاباة في أي مقتضى من المقتضيات الشرعية بكل صدق وإخلاص، لذلك منّ الله عليه بالقَبول ـ نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا، آملين أن نحفظ عهده بحسن العلاقة مع الجميع على البر والتقوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ...
نسأل الله العظيم باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى أن يتغمده بواسع رحماته، وأن يغدق عليه من شآبيب رحمته وعفوه ورضاه، وأن يسكنه الفردوس الأعلى من الجنة مع الذين أنعم عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وأن يتقبل منه ومنا ومنكم جميعا ، وأن يلهم ذويه وسائر المسلمين الصبر والسلوان، وأن يعوضه وإياكم خيرا وأن لا يريّه مكروها بعدكم ولا يريّكم مكروها بعده إنه سميع مجيب...
عن حواضر وقرى الشقرويين مسؤول قرية تنغدج.
عبد العزيز ولد المختار السالم
كتب الأستاذ محمد عبد الله ولد عبد الوهاب
كان من حظي أن تتلمذت على الشيخ "محمدن عبد الرحمن ولد أحمد الملقب ول فتى" في إذاعة القرآن الكريم من خلال برنامجه ذائع الصيت "جواهر التفسير" حيث جلست لأول مرة أمام ذلك الشيخ الوقور الذي يطيل النظر إلى الأرض أكثر من نظره إلى مقدم البرنامج، يوم الخميس 7 أكتوبر 2010 حتى الخميس 02يونيو 2022 لينقل بعد ذلك على قناة المحظرة الفضائية ويبدأ مع الشيخ من أول القرآن الكريم.
كانت فكرة البرنامج من السيدين الفاضلين "عبد القادر ولد سيدي محمد" المدير الأول لإذاعة القرآن الكريم" رمضان 2010، ورئيس مصلحة الإنتاج الأخ والمدير :الشيخاني ولد عبد القادر، ولا أنس اتصال "المدير: عبد القادر سيدي محمد "على الشيخ الذي قبل مشكورا الاقتطاع من وقته الثمين لساعة من كل يوم خميس "الواحدة بعد منتصف النهار حتى الثانية ظهرا".
بدأت مع الشيخ برنامج "جواهر التفسير" عبر أثير إذاعة القرآن الكريم يوم الخميس الموافق. 7 أكتوبر 2010. حيث بدأنا من الربع الأخير من القرآن الكريم من "سورة يس" حتى وصلنا إلى "سورة الملك" بعد اثنتي عشرة سنة.
ولم يتوقف البرنامج إلا في شهر رمضان أو وقت غياب الشيخ التي تعد على الأصابع لأهمية البرنامج عنده، فكانت عدد الحلقات التي أنجزنا معا 286 حلقة ـ ولله الحمد ـ حافظ فيها الشيخ على السمت والدل واللباقة فكان موعدا تشتاق له الأنفس وتلذ به الأعين مع التواضع والمفاكهة والطيبوبة على لغة زميلي "مامون البار".
كان البرنامج موعدا ثابتا لمستمعي إذاعة القرآن الكريم الذين يسألون في كل أيام الأسبوع عن صحة الشيخ وهل الحلقة مباشرة هذا الأسبوع؟ حتى كبار السن ممن كانوا يتابعون البرنامج، يرسلون إليه بعض الأسئلة الخاصة معي فكانت تجد الردود الشافية في البرنامج ـ لا سيما المتعلقة بالتفسير ـ وكان الشيخ محمد عبد الرحمن يقدم التفسير واللغة وشوارد الأدب من حفظه، فلم يدخل إلى الاستديو يحمل ورقة أبدا، وكنت أختلس النظر إليه أحيانا قبل البرنامج فإذا هو يقرأ القرآن ويواصل الختمة التي لا تنقطع إلا لتبدأ من جديد.
كان يحب مداعبتي بل يتصل أحيانا علي ويسألني بقوله "أنت اليوم كابظتك الإذاعة"، حبب إلي كتاب الله سبحانه وتعالى بأسلوبه الشيق، بل جعلني أكثر اهتماما به من غيره، بلغته الجزلة وكلامه الخالي من الحشو واللحن، كان سريع البديهة في القرآن الكريم، إذا أشرت إليه في البرنامج فهمني حيث يواصل أو يتوقف حسب الإشارة، يحب القرآن الكريم ويتذوقه، يأتيه في الحلقة الواحدة أكثر من ثلاثين سؤال في التفسير في آيات متفرقة من جميع سور القرآن الكريم فيجيب بالمناسب فيذكر بالسورة والآية التي قبل هذا دون تكلف ولا تلعثم، حتى إن بعض الأقارب يسألني هل هذه الأجوبة محضرة أم لا، فأجيبه إن الحلقة مباشرة وأن الشيخ يجيب ـ ولله الحمد ـ من حفظه، و لا أحب أن أسأله إلا عن القرآن لما أرى من تبحره فيه وحبه له وملازمته إياه.
في رمضان 2015 توقف البرنامج كالعادة لكن اقترحت علي الزميلة والمديرة "بنينة بنت اظيمن" أن أعد معه برنامجا قصيرا فكان العنوان "النداءات في القرآن الكريم" فوافق الشيخ مشكورا فأصبحت أزوره في المنزل في مقاطعة دار النعيم لأسجل الحلقات قبيل رمضان فسجلنا 15 حلقة ثم أكملناها في الموسم الموالي.
كان "شيخي" شديد الاحترام للمواعيد لدرجة الدقة ـ رحمه الله ـ كنت ألج إلى منزله في هذه الفترة بعد صلاة الصبح فأجده ينتظرني وقد أحضر بنفسه كل مستلزمات "اصبوح" و لا يقبل أن يقدم لي إلا "لبن الإبل" ثم يأمر بإعداد الشاي الذي يتخلل تسجيلنا للبرنامج، وبعد اكتمال التسجيل يرافقني حتى الباب الخارجي للمنزل ضاربا بذلك مثلا في التواضع وعدم التكبر، ويعتبرني أستاذ له ـ تواضعا منه ـ في المعلوماتية وكل ما هو متعلق بإصلاح الهواتف والأجهزة.
بدأت تفريغ الحلقات كتابة على الورق مطلع يونيو 2014 فاكتفيت بالتفسير المبرمج في الحلقة دون تدوين الأسئلة التي عنونتها ب "أسئلة وأجوبة جواهر التفسير" وكانت غنية بالمادة العلمية المؤصلة ومدرسة في اللغة ومصدرا لنفائس الدرر المنظوم والمنثور في غرائب التفسير و اللغة والأدب.
أثر في نفسي أن أفارق الشيخ نهاية سنة 2022 بعد أن قررت الإدارة أن يكون البرنامج يبث مباشرة على أثير قناة المحظرة وينقل في نفس الوقت على أثير إذاعة القرآن الكريم فاعتذرت عن التقديم في الصورة ـ لا عن مصاحبة الشيخ ـ فلم يأل المدير والزميل: الشيخاني عبد القادر جهدا في إقناعي بضرورة المواصلة في البرنامج على قناة المحظرة والبدء من أول القرآن الكريم بالترتيب بالفاتحة ثم سورة البقرة، لكن كان ضغط عمل الأخبار كبيرا ولم أكن أرغب في التقديم على قناة المحظرة لما فيه من المشقة والجهد البدني والذهني، لكن البرنامج تواصل في نسخته المرئية في عشرات الحلقات فكان المشاهدون يجدون ضالتهم المنشودة في التفسير، وكنت أجد الشيخ نزرا في بعض المناسبات الثقافية في الإذاعة.
رحم الله شيخي وأسكنه فسيح جناته وإنا لله وإنا إليه راجعون
رحم الله شيخي وأستاذي "الشيخ محمد عبد الرحمن ولد أحمد الملقب ول فتى" وأسكنه فسيح جناته وألهمنا الصبر والسلوان.
ولا نقول إلا ما يرضي ربنا فإنا لله وإنا إليه راجعون..